هكذا وبكل أسف أصبحنا نسمي المقاومين الأبطال المتصدين للمشروع الانقلابي بأسماء قبائلهم ومناطقهم بعد أن فشل القادة السياسيين المهيمنين على “السلطة الشرعية” (المفترضة) في توحيد الشعب حول مشروع وطني موحد وشامل لكل الوطن، حتى صارلكل قبيلة وكل منطقة مقاومتها وعناوينها وأحيانا أهدافها.
ليس هذا موضوعنا، فنحن نتحدث عن مقاومة وطنية تحررية بكل معنى المفردتين يخوضها أبناء آل حميقان وكل أبناء محافظة البيضاء من رأس عقبة ثرة ومكيراس حتى أطراف رداع الشمالية، لكن إعلام التهريج وصناعة الفقاعات يضخم بعض الأفعال الطائشة والنابعة من سوء تصرف أو سوء فهم ليطمس بها الصفحات المشرقة والأعمال البطولية أو يقذف بها إلى الهامش.
المقاومة في محافظة البيضاء وفي منطقة آل حميقان على وجه الخصوص ليست حزبية ولا تخضع لأجندات آيديولوجية كما قد يحصل في بعض المناطق، فقد عُرِف عن أبناء محافظة البيضاء ومنهم آل حميقان رفضهم للظلم وتصديهم للطغيان منذ ما قبل “يوم امربوع”1 بمئات السنين.
ما جرى منذ يومين من تقطع لقافلة دعم قدمتها قيادة قوات التحالف العربي في عدن للمقاومة الوطنية في آل حميقان من قبل بعض الأفراد، الذين ينتمون إلى المقاومة الجنوبية لم يكن عملاً معزولاً عن ملابسات سبقت الحادثة، حيث جرت تسريبات عن مجاميع حزبية معادية للقضية الجنوبية تستثمر في دعم التحالف العربي، تنوي التحرك بقافلة مسلحين وأسلحة ثقيلة وخفيفة باتجاه المناطق التي يهيمن عليها الانقلابيون، وأثارت تلك التسريبات ردود أفعال متشنجة لدى بعض المقاومين وذوي الشهداء الذين قضوا على أيدي ضيوف الرياض منذ 1994م حتى يناير 2018 وأغسطس 2019م وكذا ذوي الأسرى الذين ليس آخرهم أبو سام اليافعي الذين احتجزتهم المليشيات الحزبية في شبوة قرابة 6 أشهر، وقد اصدر بعض قادة المقاومة الجنوبية في مديريات يافع الثمان بيانا ينبهون فيه إلى المخاطر المترتبة على خطوة كهذه.
كان يمكن تجنب كل هذه الزوبعة المصطنعة لو تمتع الإخوة في قيادة قوات التحالف العربي في عدن ومعهم الإخوة في قيادة المقاومة في آل حميقان ببعض الحكمة والتروي من خلال متابعة تلك الضجة، (التي قد لا نتفق مع خلفياتها) وبحث اسبابها والتواصل مع الأجهزة الأمنية في مناطق مرور الموكب، والمقصود بالحكمة والتروي أن تتذكر قيادة التحالف العربي أن هناك شيء اسمه “اتفاق الرياض” قضى بتشكيل لجنة ثلاثية تتفق على القرارات وتحدد الأولويات وتتوافق على الخطوات المطلوب اتخاذها وتسلسلها زمنيا حتى تضمن نجاح هذه الخطوات وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
أطراف السلطة “الشرعية” ليست على قلب رجل واحد (ولن تكون) ومعظم المتنفذين فيها لا يرغبون في ذكر عبارة “اتفاق الرياض” ، . . هذه فهمناها، لكن كيف نفهم أن قيادة قوات التحالف العربي في عدن تتصرف خارج اتفاق الرياض وتضرب بمضامينه عرض الحائط وتوقع نفسها وشركاءها في مطبات ومواقف محرجة هي في غنى عنها.
بالأمس كتبنا بأن قيادة قوات التحالف العربي ستصطدم مع شركائها في كل خطوة تخطوها منفردةً دون تفعيل اللجنة الثلاثية وإشراك بقية الأطراف في التصرف لتسهيل عمليات التحرك والتنقل وتنفيذ الأهداف الأكبر والأهم لوجود قوات تحالف في عدن، فاعتبر البعض تحذيرنا النابع من الحرص ومعرفة بتعقيدات الأرضية التي يتحرك عليها الأشقاء _ اعتبره تهديدا وحول نصيحتنا إلى فزاعة ادعاء في وجوهنا، وهو تحريف مقصود الغرض منه توريط قيادة قوات التحالف في المزيد من المواقف التي تضر أهداف التحالف أكثر مما تنفعه، واليوم جاءت هذه التداعيات لتظهر قيادة قوات التحالف العربي وكأنها تاجر تجزئة يتعامل مع زبائنه كلٍ على حدة، لا بل ويهرب البضائع إليهم تهريباً بدلاً من العمل كمؤسسة مشتركة بين جميع المقاومين للمشروع الإيراني.
لأبناء آل حميقان ولكل المقاومين الأبطال الجادين في رفض المشروع الإمامي والذين لا يستثمرون في الحرب ماديا أو سياسيا ولا يبيعون الأوهام والتزييفات نقول: نحن وأنتم والأشقاء في التحالف العربي شركاء في التصدي لعنصرية المشروع الإمامي، وكل الإرباكات التي جرت لا نتفق معها وندعو لمعالجة أسبابها وملابساتها وخلفياتها السياسية، لكننا ندعو قيادة قوات التحالف العربي في عدن إلى الاستفادة من الأخطاء لتجنب تكرار الوقوع فيها، وأخيرا أكرر التأكيد:
الحل لكل هذه التخبط والعشوائية هو تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل حكومة الكفاءات وتفعيل اللجنة الثلاثية وكفاكم وكفى الجميع شر التنازع والتوتير الذي لا معنى له ولا مبرر، ولا ثمرة له غير المزيد من الفشل.