“ نُباَحُ الصّباح والمساء” وقصص أخرى قصيرة جدّا
بقلم: حسن سالمي
زمن الثّعالب
وقف شامخا يلتفّ بعلم أبيض تتوسطّه نجمة داوود… ومدّ يده إلى أنف رجل على رأسه كوفيّة بيضاء فجدع أنفه وفقأ عينه. فما كان من الرّجل إلّا أن طأطأ برأسه مسلّما…
الرّجل نفسه يقف مجدوع الأنف مفقوء العين قبالة أخيه المتهالك، فيلوي ذراعه ويبصق في وجهه ويملأ الفضاء سبابا وضراطا…
البلطجيُّ الأكبر
كلّما نفخ في صفّارته تداعت له الأمّة بأثقالها. هذه المرّة صفّر تصفيرة طويلة فمثل لديه ولدان من العربان.
“تناطحا”…
وعلت قهقهته السّاخرة…
على الفور التقى رأساهما في الهواء…
وصفّر ثانية…
“تناطحوا…”
بلا تردّد اصطدمت رؤوس العرب ببعضها…
“قفوا.”
ساد صمت ثقيل أردف بعده في حزم:
“الجزية… وإلّا…”
ذات زمن
ارتفع نباح الكلاب فخرج أمام الخيمة ومدّ بصره إلى الأفق، حيث كانت الشّمس تسقط كرمّانة متهالكة…
- مِنْهُو.
- ضِيفْ.
وعندما قدّم له مثرِدًا* كان اللّيل قد حطّ سواده على الصّحراء…
- كُولْ الشِّرْشِمْ** لا تِتْحشِّمْ، رَاهِي العِشَّه مَا فِيهَاشْ.“
- هِزّْ الصّاعْ وبَرَّ اتْسَلِّفْ، عُمْرُوشْ الضِّيفْ إِيبَاتْ بْلاَشْ.”
- هِزّْ النُّسْخَه وُبَرّا حَلِّفْ، اسْم الحَبّه مَا تَلْقَاشْ.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مثرد: قصعة صغيرة من العود.
**الشّرشم: قمح يطبخ في الماء.
نباح الصّباح والمساء
أوّل الزّواج..
من الباب تعترضه زوجته: “أمّك أهانتني، وفعلت كيت وكيت…”
“زوجتك! آه من زوجتك… قالت لي وقالت لي…”
يبيت ليلته طاويا ورأسه يشتعل…
طول العمر..
زوجته: “أمّك… هب… هب… هب…”
“زوجتك… هب… هب… هب…”
إنّها الحرب
على رصاصة تسافر روحي…
ملك الأحلام
أراني أمشي على الغيم فتخضرّ الأرض…
سلطان الأيّام
لا أدري منذ متى وهو ينفخ على الشّموع التي بداخلي، يطفئها واحدة واحدة…