دعا المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، السبت، إلى التهدئة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي واستئناف العملية السياسية في البلاد، في وقت تصاعدت فيه حدة المعارك على جبهات القتال المختلفة.
وتحدث غريفيث للصحافيين في مكتب محافظ مأرب سلطان العرادة قائلاً “يمر اليمن بمنعطف خطير، فإما تصمت البنادق ويتم استئناف العملية السياسية، وإما ينزلق البلد مرة أخرى نحو نزاع ومعاناة واسعي النطاق كما نشهد اليوم في مأرب”.
ولم يسلم الدور الأممي في اليمن، طيلة فصول الأزمة الحادّة التي يعيشها البلد منذ تفجّر الحرب هناك على أيدي جماعة الحوثي الموالية لإيران قبل خمس سنوات، من انتقادات بفعل ما بدا لكثيرين أنّه تراخ في تنفيذ مقرّرات صارمة صادرة عن الهيئة الأممية ذاتها تدين الحوثيين وتحمّلهم مسؤولية ما يجري.
وبعد ساعات من حثّ المبعوث الأممي إلى اليمن على التهدئة في البلاد والعودة إلى استئناف العملية السياسية، قالت جماعة أنصار الله إن الحل في اليمن يرتكز على وقف عمليات التحالف العربي في البلاد.
وقال محمد عبدالسلام، المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي في تغريدة عبر حسابه بموقع تويتر، “الحل في اليمن يرتكز أولا على وقف العدوان ورفع الحصار، ثم إجراء مفاوضات سياسية جادة”.
وفي وقت سابق السبت، وصل غريفيث إلى مأرب قادما من العاصمة السعودية الرياض التي عقد فيها الجمعة لقاء مع رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك تناولت تطورات الوضع في البلاد وأهمية وقف التصعيد العسكري.
ويأتي تحرك المبعوث الأممي بعد قرابة أسبوع من سيطرة جماعة الحوثي على مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف (الاستراتيجية)، ما أدى إلى نزوح آلاف الأسر إلى محافظة مأرب المجاورة.
ويأتي ذلك وسط عزم الجيش اليمني على إعادة السيطرة على مدينة الحزم وطرد الحوثيين من كامل المحافظة، فيما تواترت دعوات أممية إلى ضرورة التخلي عن النهج العسكري والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وجاءت سيطرة الحوثيين على الحزم بعد أسابيع من سيطرتهم على مساحات واسعة من مديرية نهم الجبلية التي توصف بأنها البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء. وبالسيطرة على معظم المحافظة ومديرياتها، تصبح الجوف ثالث محافظة يمنية ملاصقة للسعودية تسيطر عليها ميليشيا الحوثي بعد محافظتي صعدة وحجة.
وتلا سقوط محافظة الجوف تبادل للاتهامات بين العديد من مكونات “الشرعية” حول أسباب الفشل ومن يتحمل مسؤولية انهيار الجبهات وعودة خارطة النفوذ العسكرية إلى ما قبل خمس سنوات ماضية.
واعتبرت مصادر سياسية يمنية حديث مستشار الرئيس اليمني أحمد عبيد بن دغر حول النتائج المترتبة على سيطرة الحوثيين على محافظة الجوف بمثابة رسائل سياسية موجهة للتحالف العربي، وتعبير عن حالة الإحباط في مكونات الشرعية اليمنية، إضافة إلى كونه محاولة مبكرة لإبراء الذمة من التطورات المترتبة على فشل الشرعية ومؤسساتها في إدارة الملفين السياسي والعسكري وتحميل التحالف مسؤولية الإخفاق في استعادة الدولة اليمنية من قبضة الميليشيات الحوثية.
وفتح السقوط المفاجئ لمحافظة الجوف في أيدي الميليشيات الحوثية الحديث مجددا حول أسباب التراجع الكبير في أداء الشرعية اليمنية على الصعيدين السياسي العسكري، وانعكاسات التحولات في خارطة موازين القوى في المشهد اليمني.
وبينما جدد سياسيون تابعون لجماعة الإخوان اتهام التحالف العربي بالتسبب في انهيار الجبهات، ووقف الدعم، حمّلت مكونات سياسية يمنية أخرى قيادة الشرعية وجماعة الإخوان المسيطرة على مفاصلها المسؤولية عن تفكيك الجبهات والانشغال باستكمال سياسة الاستحواذ وإقصاء المكونات الأخرى واختطاف القرار السياسي للشرعية وتكريس ذلك لخدمة الأجندة القطرية.
وربطت مصادر سياسية بين تجدد الاتهامات للتحالف العربي من قبل قيادات يمنية مرتبطة بدائرة مصالح الإخوان وبين الأخبار المسرّبة عن اعتزام قيادة التحالف العربي تغيير سياستها تجاه حالة الترهل والفشل في الحكومة الشرعية والبحث عن مسارات جديدة لمواجهة المشروع الإيراني في اليمن.
واعتبرت مصادر عربية أن سيطرة الحوثيين (أنصار الله) على محافظة الجوف ذات الحدود الطويلة مع المملكة العربية السعودية تشير إلى نيّة هؤلاء التوسّع في اتجاه مناطق يمنية أخرى، خصوصا في اتجاه محافظات جنوبية أُخرجوا منها في عام 2015.
وأوضحت أن ذلك يشير إلى رغبة في زيادة خياراتهم ذات الطابع الجغرافي بما يشمل اليمن كلّه ويؤكّد الطموحات الإيرانية القديمة في إيجاد موطئ قدم للجمهورية الإسلامية في هذا البلد ذي الموقع الاستراتيجي والذي هو جزء لا يتجزّأ من شبه الجزيرة العربيّة.
ولاحظت في هذا المجال أن أهمّية الجوف لا تعود إلى الحدود القائمة بينها وبين السعودية فحسب، بل إلى كونها على تماس أيضا مع محافظات أخرى هي صعدة وعمران وحضرموت.
وأشارت هذه المصادر إلى أن أيّ تمدّد حوثي داخل حضرموت سيعني العودة إلى الحلم القديم لـ”أنصار الله” والقاضي بالسيطرة على اليمن كلّه.