في معارك بسط السيطرة وترتيب أولويات الخصومة، تبرز عدن في رأس أولويات السلطة الحاكمة.
ترى سلطة الشرعية أن حسم مصير ومستقبل الجنوب لصالح التصفية، وليس إحقاق الحقوق، يسبق بكم خطوة على ما عداه، من تحديات ومخاطر تتحرك على رقعة صراع، متقلقل غير ثابت، مع الحوثي، بين مواجهات محسوبة، وتهدئات ثنائية متوافق عليها.
عدن بالنسبة لجيش علي محسن، شوكة خاصرة تؤذيه معنوياً ووجودياً؛ ولذا فهو أكثر القوى السياسية مع حزبه، مصلحة في زعزعة أوضاع أبناء عدن، وتوسيع شقة الخلافات بين الناس، والمكونات السياسية المسيطرة والحاكمة للجنوب، وأخطر تلك الأسافين الذي يعمل منذ شهور عدة، على دقها بين السلطة المحلية الحاكمة للجنوب، والجيش الصامد المقاوم لهجمات الحوثي، وغارات محسن، هو محاربة الناس بقوت أولادهم، ومضاعفة معاناتهم، عبر حجب الراتب والحقوق الأخرى، بتواطؤ من قبل أطراف ممسكة بالملف اليمني وتحديداً عدن، مثل الإمارات والسعودية.
ما يحدث لرواتب الجنود ليس، بيروقراطية إدارية، وإجراءات مالية، بل هو فعل سياسي بغايات وأهداف محددة، خلق مساحات شاغرة بين مؤسسة الأمن والجيش من جهة، والمجلس الانتقالي من جهة ثانية، مساحات تمكن علي محسن وحزبه والشرعية من التحرك بين ظلالها ،وخلق استقطابات جديدة، وشراء ولاءات، وإحداث مناقلة مواقف، من التأييد للانتقالي، إلى الانضواء في جيش الخصم الآخر أي شرعية علي محسن.
الوضع حين يصل إلى الصف الأمامي، والخط المدافع عن عدن، فأن الأمر لا يعالج في دهاليز الروتين، بل يوضع على طاولة السياسة، لاستظهار حقيقة النوايا المبيتة، وتحديداً سبر غور قوى التحالف وحقيقة موقفها من هذا العبث، أو تساوقها مع ما يراد لعدن والجنوب، من كسر عظم وتصفية وجود قضية.
ما حدث في ٩٤ من استمالات وشراء ذمم، ينبغي له أن لا يحدث الآن ثانية، وأن حدث تحت ضغط الاحتياجات الحياتية، والتغييب المقصود لرواتب الجنود، فإن من يمسك بملف الجنوب، هو وحده من يجب أن يتحمل المسؤولية وأن يُحاسب وأن يدفع الثمن.
من صفحة الكاتب على “فيسبوك”.