لا أدري لماذا يهلل ويبتهج إخوان اليمن وقنواتهم الفضائية وإعلاميهم ومحلليهم في تركيا وقطر عن انسحاب موهوم لما يسمونها بقوات (الاحتلال الإماراتي) وهم ويلتقون في ذلك التوصيف مع الحوثيين، الذين يفترض أنهم خصومهم ويفترض أنهم يخوضون ضدهم غمار مواجهات حامية الوطيس منذ خمس سنوات كما يروج لنا إعلامهم فيما جبهاتهم في الواقع (محلك سر).. بل وفي سبات عميق أو عقيم ..لا فرق..
ولهؤلاء نقول إن مصطلح «إعادة الانتشار» في القواميس العسكرية يعني إعادة تموضع القوات لتحقيق هدفٍ معين بناءً على مستجدات ميدانية أو أمنية أو معطيات استراتيجية أو تكتيكية. ومن الممكن أن تكون عملية إعادة الانتشار من منطقة إلى أخرى، أو إحلال قوات محلية بديلة جرى إعدادها وتدريبها بحيث يعول عليها في القيام بمهامها على أكمل وجه.
لم يفرق هؤلاء بين إعادة الانتشار والانسحاب الموهوم..أو أنهم يتغاضون عن إدراك ذلك.. وتناسوا أنه لولا تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ولولا الحضور الفاعل لقوات الإمارات العربية المتحدة ــ بفضل الله ــ لكان صبيان الحوثي قد أحكم السيطرة على كل مقاليد البلاد شمالا وجنوبا.. ولكان مصيرهم أسوأ من مصير عفاش، حليف الحوثي المغدور به، وهو مصير ما زال في انتظارهم ــ إن هم التقوا مع الحوثيين مجدداً ــ كما يبدو من مواقفهم المتوافقة والمتغيرة وفقا للمصلحة وعلى قاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
ليتهم تعلموا الدرس من الجنوبيين الذين واجهوا الحوثي بقضهم وقضيهم وتمكنوا بدعم التحالف وعلى الأخص الإمارات من إعداد قواتهم التي تحمي اليوم أراضيهم الجنوبية المحررة وتخوض مواجهات مع جحافل مليشيات إيران الحوثية في أكثر من جبهة.. فيما لا جبهة لإخوان اليمن إلا تكديس الأسلحة وتجميعها والتفرغ للإساءة لدور الإمارات والزعم تارة باحتلالها لسقطرى وأخرى لعدن أو حضرموت ..إلخ..
حتى إنه لكثرة عويلهم وصراخ قنواتهم يظن من لا يعرف حقيقة الأمر أن جنود (الاحتلال الإمارتي) ينتشرون في كل نقطة وفي كل ركن وزاوية في المناطق الجنوبية المحررة ..وهو أمر يثير استغراب كل مواطن جنوبي الذي يعرف جيداً أن لا وجود لمثل هذه المظاهر العسكرية (الاحتلالية) وأن كل الجنود والضباط والقادة في كل أرجاء الجنوب هم من أبنائه الذين يفخر بهم ويقدر أن من دعمهم ودربهم وقدم المساعدة اللازمة لهم هم الأشقاء من الإمارات…
يكفي للرد على هذه المزاعم الكاذبة والمضللة تقدير شعبنا الجنوبي للأشقاء ومواقفهم الداعمة منذ اللحظة الأولى للاجتياح الحوثي-العفاشي للجنوب في مارس 2015م، فلولا دعم التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والدور المحوري والمهم للإمارات العربية المتحدة لما تحقق إحراز النصر الذي حققه شعبنا ومقاومته الجنوبية في دحر الغزاة من عدن والجنوب في وقت قياسي وسريع، وهو النصر الذي تلون بدماء زكية للعشرات من الشهداء الإماراتيين مع دماء شهدائنا الأبرار، ثم ما تلى ذلك من دعم سخي ومتواصل لم ينقطع مدده حتى الآن في كافة مناحي الحياة…
ولعل أبرز مظاهر الدعم الإماراتي يتجلى في إعداد وتدريب الوحدات العسكرية والأمنية الجنوبية المتمثلة بالحزام الأمني والنخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية، ووحدات الأمن العام، وهذه القوات هي في الأساس من أبناء الجنوب ممن أبلوا بلاءً حسناً في معارك دحر وطرد الغزاة الحوثيين من العاصمة عدن وبقية مناطق الجنوب، أو في طرد تنظيم القاعدة من حضرموت بعد أن سيطر عليها لأكثر من سنة، وكذا مطاردة الجماعات الإرهابية في بقية المحافظات، وهم اليوم من يعوّل عليهم شعبنا في تحقيق الأمن والأمان وإفشال مشروع دولة الملالي وأذنابهم الحوثيين…
لن تنسحب الإمارات ولا التحالف العربي وما يجري من إعادة انتشار هو أمر عسكري مألوف لن ينتج عنه فراغاً كما يتوهم الواهمون من أعداء الإمارات وأعداء الجنوب.