لم تمضي سوى أيام من اعلان وزير الخارجية خالد اليماني، احتضار اتفاق السويد بشأن إعادة الانتشار في موانئ ومدينة الحديدة، حتى سارع الرجل بتقديم استقالته.. تلك خطوة عاجلة استبقت قرار اقالته وفقا لسياسيين، انتقدوا اداء الدبلوماسية اليمنية بقيادة اليماني واعتبروها فاشلة..
هروب من الفشل
الوزير اليماني كان في الواجهة أثناء مفاوضات السويد، في إدارة ملف التفاوض ووقع في موقف محرج بعد مرور أكثر من 6 أشهر على اتفاق ستوكهولم دون تنفيذ وفقا للمحلل السياسي كمال مقبل لدى حديثه لـ”يمن الغد”.
ويشير كمال مقبل الى ان فشل تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة وتجميد اتفاق الاسرى والمعتقلين بسبب تعنت الحوثيين وتماهي المبعوث الاممي مارتن غريفيث مع مغالطات المليشيا الانقلاب، أثار موجة استياء اوساط مكونات الشرعية التي وقعت الاتفاق مع الانقلابيين في مفاوضات أستكهولم في ديسمبر الماضي.
استباق الاطاحة
اليماني وقبل تقديم استقالته قال في تصريحات له أن الغرض من ذهاب الحوثيين لمحادثات السويد كان من أجل وقف معركة الحديدة التي كانت قد اقتربت من إنجاز مهمتها، وبعد وقف المعركة رفض الحوثيون تنفيذ الاتفاق، لأنهم حققوا الهدف»، مشيراً إلى أن الإيرانيين أوعزوا إلى الحوثيين بالذهاب للسويد لكي تكسب طهران يداً لدى الأوروبيين في صراعها مع الإدارة الأمريكية على خلفية العقوبات على إيران.
وقال الناشط السياسي كريم علي الوافي ان اليماني الذي ترأس الوفد الحكومي خلال المفاوضات كان يترقب قرار الاقالة وذلك علي خلفية فشله في مفاوضات أستكهولم، وحين تأكد قرب صدور القرار عاجل باعلان استقالته.
وكانت تحليلات سياسية اعتبرت الإبقاء على المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث على رأس المهمة الأممية في اليمن،” هو السبب الرئيسي للاستقالة إضافة إلى عوامل أخرى، ومن ضمن الاسباب التي يراها المراقبون فشل اليماني لذي كان في الواجهة أثناء مفاوضات السويد، في إدارة ملف التفاوض.
تهور في ابرام كارثة
واعتبر كمال مقبل ان اليماني تهور في ابرام كارثة بكل المقاييس وان الاتفاق بكل معطياته لم يكن في صالح اليمن والشرعية.
ويؤيد مقبل اتهامات مصادر حكومية وسياسية في السابق لوزير الخارجية بتوريط الشرعية في اتفاق السويد.
ويتهم الوزير اليماني بممارسة ضغوطا غير طبيعية على الوفد المفاوض للموافقة على هذا الاتفاق .
خطورة الفرصة الاخيرة
وكانت هناك توجهات داخل الحكومة الشرعية تضغط باتجاه مطالبات الرئيس عبدربه منصور هادي بإقالة الوزير اليماني واتخاذ قرار فوري بعدم القبول باستمرار المبعوث الأممي.
وحذر البرلمان اليمني الحكومة من منح فرصة اخيرة لغريفيث بعد ان اتهمته الشرعية بحرف مسار العمل السياسي وتجاوز المرجعيات ومخالفة قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة والتماهي مع توجهات الانقلابيين وعدم اعلان الطرف المعرقل صراحة .
وقال سياسيون منهم عبدالناصر المودع لـ”يمن الغد” ان اتفاق السويد جلب للشرعية كارثة امتدت من حجور حتى الضالع وفتح للحوثيين قنوات العالم الدبلوماسية وساوى بين الشرعية والانقلابيين.
لوبي يتحكم بالقرار
وقال المحلل السياسي محمد الحسني ان الفشل ليس فشل اليماني لوحده وانما فشل مؤسسة الرئاسة بمجملها والرئيس ايضاً.. اذ يبدو ان هناك لوبي يتحكم بالقرار اليمني وغير واضحة اهدافه..
ويضيف الحسني لـ”يمن الغد”: بالنسبة لليماني فمنذ تولية منصب وزير الخارجية لم يضف شيئاً الى الخارجية سوى المزيد من الفشل.
وقال: ثلاثة نشطاء من الحوثيين تنقلوا بين اكثر من عاصمة اوربية ربما اكثر من وزير الخارجية واستطاعوا ان يحرفوا انظار الاوروبيين ويكسبوا ودهم بل وانحاز البعض الى صفهم بينما وزير خارجيتنا يكتفي بذلك البيان الذي يلقيه اذا ما حصل اجتماع في مجلس الامن
وربما كانت استقالته هروباً ليس اكثر..
الاتفاق المشئوم
ولفت الحسني الى ان اتفاقية السويد المشئومة فرملة الحسم بالحديدة وتعد كارثة للشعب اليمني ولاندري من الذي اشار على اليماني بالمصادقة عليها دون ان يعرف اهدافها بعد ان كانت معركة الحديدة قد اوشكت على الحسم.. وقد كان الخيار العسكري هو الأنسب حينها وذلك للضغط على الحوثيين كي يجنحوا للسلام..
وقال ان اتفاقية السويد بحسب رؤيته فشلت منذ الوهلة الأولى لأن كل طرف يريد ان يحققها بطريقته هو ويفسر بنودها من وجهة نظره هو.. فالشرعية تقبل بها لكن بشرط أن تسلم لها الحديدة ونفس الشيء الانقلابيين..
فمعلوم أن أولويات التحالف هو وقف التمدد الإيراني في المنطقة.. بينما تركيز الشرعية هو بقاء الشرعية وضمان مستقبلها في المستقبل فكيف يمكن التوفيق بينهما..
شخصية استثنائية
وافاد بان الخارجية اليمنية والدبلوماسية في تخبط وعدم وضوح الرؤية ..
وباعتقاده هذا سيجعل اختيار منصب الخارجية في غاية الصعوبة ويحتاج الى شخصية استثنائية تخرج البلد … من بين كل هذه التشابكات …
فرملة الحسم
وتسبب الاتفاق بفرملة المعارك في الحديدة في وقت كان الحسم العسكري قاب قوسين او ادنى وهو ما اعطى الحوثي فرصة للخلاص من الهزيمة واستنزاف مليشياته ليستغل قواته في الحديدة بفتح جبهات اخرى مع الشرعية في حجة والضالع وحقق انتصارات كبيرة في وقت يماطل في تنفيذ الاتفاق الذي اعتبره سياسيون يتضمن مصطلحات فضفاضة ما يفتح ثغرات للتهرب والمراوغة والمماطلة وهو ما يحصل اليوم من تعنت حوثي عطل تنفيذ الاتفاق بذرائع تفسيراته لمضمون الاتفاق.
كما عمل اتفاق السويد على تجزئة الحل الشامل الى حلول جزئية لتتوه الشرعية في متاهات الحلول الجزئية بدلا من هدف واحد يتمثل في انهاء الانقلاب.
ونصّ الاتفاق في مباحثات استوكهولم على وقف فوري لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها والصليف ورأس عيسى.
كما اتفقوا على إعادة انتشار مشترك للقوات في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة.
كما نص الاتفاق على الالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية من قبل الطرفين إلى محافظة ومدينة الحديدة، وإزالة جميع المظاهر العسكرية والمسلحة من المدينة.