وجّه عيدروس قاسم عبدالعزيز الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، خطابا هاماً إلى جماهير شعبنا الجنوبي العظيم في الداخل والخارج، بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين للاستقلال الوطني المجيد في الثلاثين من نوفمبر فيما يلي نصه: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين يا أبناء شعبنا الجنوبي العظيم يا أيها المناضلون من أجل الحرية والاستقلال يا أيها الجنوبيون في الداخل والخارج السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في ذكرى هذا اليوم المجيد يسعدني أن أحييكم جميعاً أينما كنتم، ومن خلالكم أحيي أبطال قوات المقاومة الجنوبية المرابطين على الأرض وفي جبهات القتال، في ساحات الشرف والبطولة، على خطى الثوّار الأوائل، وعلى طريق الدفاع عن النفس والدفاع عن الحقوق، الدفاع عن الوطن والعقيدة والهوية والتاريخ. وأتوجه إليكم جميعاً بالتهاني والتبريكات بمناسبة العيد الـ 51 للاستقلال الذي تحقق يوم الثلاثين من نوفمبر عام 1967م، اليوم الذي تزينت فيه عدن بالنصر، عدن التي لا تعرف الهزيمة، كعادتها، تطرد الغزاة في كل مرة، بعزيمة أهلها التي لا تلين وإرادتهم التي لا تُقهر. كما نجدها فرصة لنتذكر بكل فخر واعتزاز وإجلال أولئك الثوَّار الذين خاضوا غمار تلك المرحلة بكل بسالة، مترحمين على أرواح شهداء تلك المرحلة التي جسّدوا فيها معاني الوطنية والفداء، كما نترحم على أرواح شهداء كل مراحل النضال والاستقلال الذي مازالت معاركه مستمرة على أكثر من صعيد، حتى تحقيق أهداف الإرادة الشعبية الجنوبية الحرة، أولئك المناضلين الأبطال الذين قادوا وشاركوا في الكفاح المسلّح ضد المستعمر بكل بسالة، حين حملوا على عاتقهم مسئولية تاريخية وكبيرة من أجل الوطن وسيادته. حتى اثبتوا ان الجنوب وطن وهوية في حاضره ومستقبله، واليوم نكافح جميعاً نحن الجنوبيون لنفس الهدف السامي دفاعاً عن هذا الوطن، ولن نتنازل ابداً عن هويتنا الوطنية، وسيادة وطننا، وحقوق شعبنا المتمثلة في التحرير والاستقلال. وهذه هي أهدافنا وتطلعاتنا المشروعة التي فوضنا الشعب من أجلها، والتي قلنا ونؤكد اليوم مجدداً انه لا تراجع عنها ابداً مهما كانت الصعوبات، ولا تنازل عنها مهما استفحل الشرّ وأهله. أيها الشعب الجنوبي العظيم قبل نصف قرن من اليوم، ارتفعت راية الجنوب بعد ان ارتقى من أجلها شهداء كُثر خلال مرحلة التحرير المجيدة، وبعد ان استبد المستعمرون الجدد بهذا الوطن الجنوبي العظيم بقوتهم الغاشمة في 1994م وجد الجنوبيون أنفسهم أمام ضرورة حقيقية فكافحوا الاحتلال رغم قوته وجبروته ورغم امكانياتهم الضعيفة آنذاك، الا ان ارادتهم وصلابتهم جعلتهم يستقبلون الرصاص الغادر بصوت السلم وثورة السلام، فلم يكتفِ المحتل بذلك ولم يستفد من دروس التاريخ فأثخن في الشعب المظلوم قتلاً وتنكيلاً. فحمل الجنوبيون سلاحهم وانطلقوا ثواراً على خطى آبائهم واجدادهم فكسروا ظهر المحتل وهزموا مشروعه بقوة السلاح والحق والإرادة، فهل يدرك الغائبون عن التاريخ والمغيّبون عن الواقع ان للشعوب صحوات وان للثوّار جولات ان بدأت فلن ترحمهم ولن يرحمهم التاريخ. أيها الجنوبيون الاحرار ندرك تماماً – ونحن معكم – انكم تتطلعون الى المستقبل بأعين يملؤها الأمل، وبقلوب يسكنها صوت الثوار وهدير الثورة وصور الشهداء، وبسواعد لن تتوانى عن مواجهة الشرّ وأي مخاطر تهدد الثورة والوطن والشعب، وبأرواح محبة للسلام. نقول لكم اليوم، اننا وعلى الرغم من التعقيدات التي يصنعها خصومنا أمامنا الا اننا ماضون بكم بوعيٍ كامل، ورغم الأمل الكبير الا اننا لسنا ببعيدين عن صوت الثوار وهدير الثورة، ولتكن سواعدكم حاضرة وجاهزة. اننا وبالقدر الذي نحتاج فيه الى اليقظة، فإننا نحتاج وعياً شعبيا ودعماً جماهيرياً يحافظ على التوازنات السياسية التي نسير فيها بدقة، وثقوا ثقة كامله ان ثمن تجاوز الجنوب لن يكون هيناً، ولن يدفعه طرف دون طرف، بل سيدفعه كل من شارك فيه، خاصة من احتضناه وأعدنا له اعتباره بدمائنا وجراحنا وبنادقنا وما أسهل ان تهدم جداراً هشاً يمنعك عن حريتك ويحرمك من حقوقك وتطلعاتك المشروعة. عندها سنفرض خياراتنا السياسية مستندين الى عدالة القضية الجنوبية والى إرادة الشعب الجنوبي الحر، وعندها لن يكون هنالك مكاناً لمن يدّعون ان شرعيتهم نزلت من السماء، ومثلما حاربنا الحوثيون ولا زلنا، فسنحارب من يسير في نهجم في محاربة قضيتنا وشعبنا، ولا شيء يمنعنا عن مشروعية الدفاع عن أنفسنا ومستقبلنا. اليوم ايضاً، وكجزء من معركتنا الكبيرة للدفاع عن هذا الوطن، نؤكد على استمرارنا في مكافحة الإرهاب ومحاربة مموليه وداعميه، وستستمر عملياتنا العسكرية والأمنية ضد هذه التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها داعش والقاعدة، وندعو الدول التي حملت على عاتقها مكافحة التطرف والإرهاب الى دعم جهودنا وتطويرها بما يساعدنا على الاستمرار في مكافحة هذه المخاطر التي تهدد أمننا الوطني والامن الإقليمي والدولي. نؤكد على تمسكنا الراسخ بمبدأ التصالح والتسامح الجنوبي، ورفضنا القاطع لدعوات التخوين التي تستهدف النسيج الاجتماعي الوطني للجنوب، وندعو الى تعزيز قيم التعايش والقبول بالآخر وليكن السلم قاعدة لاستيعاب كافة اختلافات وجهات النظر الجنوبية. يا أبناء شعبنا الجنوبي العظيم أكدنا ولا زلنا نؤكد على عمق شراكتنا مع دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حتى تحقيق اهدافنا المشتركة والقضاء على المشروع الفارسي المتمثل في جماعة الحوثي من المنطقة والقضاء على خطر فكر جماعة الاخوان المسلمين الذي ولدّ الإرهاب والتطرف. وقلنا سابقاً إننا قد عملنا وبكل الوسائل على الارتقاء بهذه العلاقة الاستراتيجية نحو ضمان أمن واستقرار المنطقة واستعادة شعب الجنوب لسيادته على أرضه كعامل أساس في الحفاظ على الأمن القومي العربي، واليوم وبالقدر الذي نؤكد فيه لدول التحالف العربي على حرصنا في الحفاظ على هذه العلاقة التي انتجتها هذه المعركة المشتركة، نؤكد على تمسكنا بحقنا الكامل في قضيتنا الوطنية، وعدالتها وضرورة حلها، واحترام تضحياتنا ونضالنا الوطني. ويؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي على انفتاحه للحوار والسلام، واستعداده للمشاركة بإيجابية في العملية السياسية بما يحقق السلام وينهي الحرب، ويضع أساسا حقيقياً لمرحلة ما بعد الحرب بما يضمن للجنوبيين حقهم في حل قضيتهم حلاً عادلاً وفقاً لتطلعاتهم المشروعة. حيث يمكن لأي حل سياسي ينتقص من قضية شعب الجنوب أن يحقق أي سلام منشود في المنطقة، فقضية الجنوب ليست هامشاً، وأي حلول تقفز على الواقع الجديد الذي أفرزته الحرب سيكون مصيرها الفشل الذريع. يا ابطال قواتنا المسلحة ومقاومتنا الجنوبية البطلة اننا نستحضر في هذه الذكرى العظيمة، الدور البطولي الذي تلعبونه، فأنتم حماة الوطن، وحاملين بيارق النصر، والمدافعين بأرواحكم عن رايته التي حميتموها بدمائكم الطاهرة، أنتم المكسب الحقيقي في هذه المرحلة الحرجة فكونوا كما عهدناكم على درب الدفاع عن الوطن وقضية الشعب، فالأمل بكم كبير، والشعب ينتظر منكم الكثير، فكونوا على قدر من المسؤولية، وليحمي الله ارواحكم الغالية. المجد والخلود للشهداء والشفاء العاجل للجرحى والحرية للأسرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته العاصمة عدن 30 نوفمبر، 2018م