حث وزير الخارجية خالد اليماني الحوثيين على التعامل الجدي مع مقترحات المبعوث الأممي لليمن، ودعاهم إلى اغتنام الفرصة الراهنة للسلام «لأنها قد تكون الأخيرة»، كما دعاهم إلى التوقف عن انتظار الدعم من إيران في ظل ما تواجهه من تصعيد أميركي وإقليمي وكذلك احتجاجات داخلية.
وقال اليماني، في تصريحات عبر الهاتف لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «رغم نقضهم لكل العهود والاتفاقيات، إلا أننا ما نزال نمد أيدينا بالسلام ونقول للحوثيين توقفوا عن انتظار الدعم من الخارج لأنه لن يأتي بعد الآن»، مضيفاً: «ندعوهم للتعامل الجدي مع مقترحات المبعوث الأممي لليمن مارتن جريفيث في ضوء قرارات مجلس الأمن بشأن الحديدة، فقد تكون تلك فرصة أخيرة… ونقول لهم قواتنا تتقدم، وإذا كنتم ما تزالون تعولون وتنتظرون الدعم من إيران فهذا وَهم وحلم عليكم الإفاقة منه».
واستطرد: «إيران اليوم غير إيران الأمس، فلم يعد باستطاعتها أن تتقدم خطوة واحدة… فهي تتقلب ما بين التصعيد الأميركي والإقليمي ضدها، وبين نار الاحتجاجات الداخلية المتصاعدة على إثر تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن الإيراني الذي تنفق قياداته المليارات من أمواله على التدخل والتخريب بدول الجوار فضلاً عن دعم الانقلابين بها وتسليحهم».
وفي هذا الإطار، وصف اليماني التصريحات الإيرانية بشأن قدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز أمام شحنات النفط إذا مضت واشنطن في إجبار الدول على وقف شراء النفط الإيراني بكونها «تضر أكثر مما تنفع».
وأوضح: «لا يمكن لأحد أن يتصور أن المجتمع الدولي سوف يسمح بإغلاق ممر مائي تمر به شحنات النفط لدوله أو بأي شكل من التعطيل لمسار هذه الشحنات… وإذا نفذوا تهديداتهم فإن هذا قد يكون بداية النهاية الفعلية للقيادة الإيرانية التي لا تهتم إلا بسياساتها التوسعية المذهبية».
وحول أحدث ما وصلت إليه مفاوضات المبعوث الأممي مع الحوثيين، قال: «للأسف، حتى الآن لم تسفر مفاوضاته معهم عن أي طرح جدي يمكن البناء عليه، رغم كل ما يبديه الرجل من تفاؤل… لقد قدم لهم خطة لتجنيب مدينة الحديدة أي معارك مسلحة خلال تقدم قوات الحكومة اليمنية وقوات دول تحالف دعم الشرعية المساندة لها لتحرير المدينة… الخطة من أربعة بنود، في مقدمتها وأبرزها ضرورة الانسحاب الكامل لميلشياتهم من المدينة، إلا أنهم تجاهلوا هذا البند وغيره، ووافقوا فقط على بند يقضي بالإشراف الأممي فنيا ولوجستيا على إيرادات الميناء».
وأوضح اليماني أهمية تحرير ميناء الحديدة بالقول: «ميناء الحديدة يعد الرئة والشريان الحيوي الذي يتنفس ويتغذى منه الانقلابيون: فعبره يتلقون السلاح والمساعدات المختلفة من إيران، ما يطيل أمد الحرب… كما أن الميناء يعد قلب الملاحة بمنطقة في البحر الأحمر».
وأضاف أن الحوثيين «لطالما استفادوا من وجودهم بالحديدة بتهديد سير الملاحة بالمنطقة وسرقة واستغلال واحتجاز السفن المارة ونهب المساعدات التي تصل له والمخصصة لكل اليمنيين والمتاجَرة بها بالسوق السوداء، ومن ثَم فإنهم يرفضون مطلقا فكرة التخلي عن وجودهم به… ومع اقتراب قوات الشرعية قاموا بتلغيمه عبر زراعة الآلاف من الألغام البحرية المحرمة دوليا».
وردا على تساؤل حول ما يتردد عن عدم وجود موافقة كاملة من قبل الحكومة اليمنية على خطة جريفيث بشأن الإشراف الأممي إلى جانب الحكومي على الميناء، أجاب: «لا نمانع بوجود نوع من الحضور الأممي في الميناء للإشراف والمساعدة الفنية لتشغيله واستعادة طاقاته التشغيلية التي عطلها الحوثيون منذ السيطرة عليه عام 2014، فهذا من شأنه أن يسهم في إيصال المساعدات، ونحن بالطبع ندعم وصولها لجميع اليمنيين حتى المتواجدين منهم بمناطق سيطرة الحوثيين… المهم هو ألا يظل الميناء معبراً لوصول السلاح للحوثيين».
وحول السبب وراء إعلان التحالف تهدئة قبل أيام رغم وضوح قناعات الحكومة اليمنية بأن الحوثيين يرفضون السلام، قال: «التجارب التي مررنا بها في المفاوضات معهم بجنيف والكويت ومن قبلها داخل الوطن لم تثبت لنا سوى أنهم جماعة تنقض العهود وتنقلب على كل الاتفاقيات ولا تريد السلام ولا تعترف باتفاقياته أو مواثيقه الدولية… ومع ذلك وكحكومة شرعية أردنا أن نمد أيدينا بالسلام ونمنحهم فرصة جديدة لعل وعسى… وأردنا في الوقت نفسه إبطال أي ذريعة قد يروجون لها بأننا لا نسعى للتهدئة أو لا نكترث لحياة المدنيين».
وحمل اليماني الحوثيين مسؤولية تدهور الأوضاع الصحية والبيئية بمدينة الحديدة، وأوضح: «لم يتساءل أحد بماذا انشغل الحوثيون خلال فترة تهدئة العمليات العسكرية، هل بالبحث عن السلام، أم بتجنيد الشباب الصغير بمختلف مديريات المحافظة وزرع الألغام وحفر الخنادق لتكديس السلاح وتقطيع أوصال المدينة… وخلال عمليات الحفر تسببوا في قطع مواسير وإمدادات المياه والكهرباء ما عقد الأوضاع الإنسانية بالمدينة وهدد بانتشار الأمراض الخطيرة وفي مقدمتها الكوليرا… كما أنهم رفضوا خروج المدنيين إلى مواقع معسكرات الجيش اليمني حيث أقمنا مراكز طبية وإغاثية، وذلك لأنهم يريدون أن يستخدموهم كدروع بشرية».
وحول ما الذي تريده الحكومة من الحوثيين في هذه المرحلة تحديدا، قال: «نطالبهم بالانسحاب من الميناء والمدينة وتسليم الصواريخ الباليستية التي تمدهم بها إيران… وتسليم كامل السلاح للدولة قبل أي ترتيبات سياسية».
واستطرد: «قواتنا تسيطر حاليا على 83% من كامل الأراضي اليمنية… ولا يمكن بأي حال أن نقبل بأن يكون لدينا باليمن ذراع عسكري تابع لإيران على غرار دول بالمنطقة… نحن لن نقبل بهذا، كما لن يقبل جيراننا بالخليج بأن توجد في اليمن قوة مرتبطة بدولة معادية تستمر في تهديد أمن وسلامة دولهم». وعما إذا كان سيتم تقديم تنازلات للحوثيين إذا ما جنحوا للسلام، ومدى إمكانية تخصيص نصف مقاعد الحكومة لهم، قال: «بالطبع لا… كيف نعطيهم نصف الحكومة وهم لا يمثلون سوى عشرة في المئة فقط من السكان… كما أننا لا نتحدث الآن عن تدابير سياسية وإنما تركيزنا الأساسي حول التدابير العسكرية والأمنية… ربما فيما بعد قد يكون هناك حديث عن تفاهمات سياسية تضمن لهم أن يظلوا جزءا من مستقبل اليمن ومنظومة الحكم».
واختتم الوزير تصريحاته بالتأكيد على متانة العلاقات التي تربط الحكومة اليمنية بدول تحالف دعم الشرعية، الذي تقوده المملكة العربية السعودية والذي تشارك فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بفعالية كبيرة. وشدد على أن التلميح لوجود خلافات بين حكومته ودولة الإمارات مثلاً ليس إلا «أحلاماً يصيغها فقط من يريد أن يدق إسفينا بالعلاقة بين البلدين… التحالف وجد ليستمر وينتصر كما يحدث اليوم في كل جبهات المعارك باليمن».
|