تزامناً مع حلولهم بأستراليا وإنشائهم للمستعمرات على أراضيها، لم يتردد المهاجرون البريطانيون في جلب كمية كبيرة من الأرانب بهدف استخدامها لممارسة رياضة الصيد.
خلال تلك الفترة مثلت الأرانب عنصراً جديداً ودخيلاً على النظام البيئي الأسترالي وعلى الرغم من ذلك تمكنت هذه الحيوانات من التأقلم بشكل سريع والتكاثر خاصة مع توفر مصادر الغذاء والمياه.
ومع تواصل عملية تكاثر الأرانب عاشت أستراليا على وقع كارثة حقيقية حيث لم تتردد هذه الحيوانات في تخريب المحاصيل الزراعية، ولهذا السبب عمدت السلطات الأسترالية إلى اتخاذ إجراءات قاسية تمثلت أساساً في تسييج مناطق بلغ طولها حوالي 1000 ميل من شمال البلاد إلى جنوبها بهدف حماية الحقول والمزارع. وتزامناً مع ذلك تم إرساء برنامج للتخلص من الأرانب عن طريق تسميم مصادر مياهها.
وببادئ الأمر حقق برنامج التخلص من الأرانب بعض النجاح حيث أصبحت حقول الفلاحين الأستراليين في أمان، لكن مع حلول أعداد كبيرة من طيور الإيمو بالمكان تغيرت المعادلة بشكل تام لتسوء وضعية الفلاحين بشكل ملحوظ.
يذكر أن طول طير الإيمو يبلغ حوالي 180 سنتيمترا ويتجاوز وزنه وزن الإنسان العادي.
وعلى إثر نهاية موسم التزاوج تهاجر أعداد كبيرة جداً من هذا الطائر نحو المناطق الساحلية والتي تعد غنية بالغذاء والماء. خلال موسم هجرتها غربي أستراليا مرت أعداد كبيرة من طيور الإيمو بالقرب من منطقة كامبيون، وهنالك لاحظت هذه الطيور توفر كمية هائلة من الغذاء والماء داخل أراضي الفلاحين، فما كان منها إلا أن توقفت هنالك متخلية عن فكرة مواصلة هجرتها نحو المناطق الساحلية.
خلال فترة وجيزة أهلكت طيور الإيمو نسبة هامة من أراضي الفلاحين الذين ظلوا عاجزين عن طردها، وأمام هذا الوضع الصعب طالب الفلّاحون السلطات الأسترالية بالتحرك من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة التي أصبحت تمثل تهديدا لحياتهم.
ومع مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1932 قررت السلطات الأسترالية التدخل فما كان منها إلا أن أرسلت فرقة عسكرية مجهزة برشاشات حديثة من نوع لويس بهدف إبادة طيور الإيمو.
وخلال هذه الحملة العسكرية الأولى ضد طيور الإيمو، لقيت الفرقة المسلحة الأسترالية المرسلة فشلاً ذريعاً حيث إنها لم تتمكن من قتل عدد كبير من الطيور، وأمام هذا الوضع المهين أقدمت وسائل الإعلام الأسترالية على الاستعانة بعبارة “الحرب على طيور الإيمو” من أجل رفع معنويات الجنود، فضلاً عن ذلك أكدت الحكومة الأسترالية أن هذه العملية ستساهم بشكل كبير في زيادة قدرات الجنود في استخدام الرشاشات الجديدة.
على إثر ذلك لم تتردد السلطات الأسترالية في إرسال فرقة عسكرية ثانية من أجل دعم الفرقة الأولى، ولكن ذلك لم يجد نفعاً حيث مثلت طيور الإيمو هدفاً صعباً على الجنود الأستراليين، ويعزى السبب في ذلك إلى سرعة هذا الطائر التي تقدر بنحو 50 كلم في الساعة وفطنته، فحال سماعه لصوت الرصاص يباشر طائر الإيمو بالركض إلى مسافات بعيدة.
كما حظي طائر الإيمو بخاصيات مورفولوجية مذهلة حيث كانت رجلاه ورقبته طويلة ونحيفة مما جعله هدفاً صعباً للرصاص.
تواصلت العملية العسكرية الأسترالية ضد طيور الإيمو إلى حدود يوم 10 من شهر ديسمبر/كانون الأول سنة 1932 وخلالها تمكن الجنود الأستراليون من قتل 3 آلاف طائر مقابل استخدامهم لأكثر من 10 آلاف رصاصة، فضلا عن ذلك ظلت عشرات الآلاف من طيور الإيمو طليقة لتواصل عملية تخريب الحقول.
وبسبب التكلفة الباهظة للرصاص والأزمة الاقتصادية العالمية، قررت السلطات الأسترالية وقف العملية العسكرية، وعلى إثر ذلك استغلت وسائل الإعلام العالمية هذه الحادثة لتنشر خبراً ساخراً حول فشل الجيش الأسترالي واستسلامه لطيور الإيمو.
خلال الفترة التالية وافقت السلطات الأسترالية على مواصلة العمل بنظام المكافأة والتي وعدت أستراليا من خلالها بتقديم مبلغ مالي هام لكل فلاح ينجح في قتل طائر من طيور الإيمو، فضلاً عن ذلك رفضت الحكومة الأسترالية مطالب الفلاحين المتواصلة للقيام بعملية عسكرية أخرى لمجابهة تكاثر طيور الإيمو.