محمد الغيثي
انقطعت عن الكتابة لظروف خاصة، واليوم أعود. ولتكن بداية هذه العودة بهذه الكلمات التي تمثل “وجهة نظري الشخصية” أرسلها الى أصدقائي ومن يتابعني.
هناك ملفات كثيرة وقضايا كبيرة نجدها على طاولة العمل الجنوبي ربما ان أهمها الملف السياسي والقضية الجنوبية، حكومة الشرعية، الأمن، الخدمات، الحرب … وامور تفصيلية أخرى. الكلمات ادناه هي رسالة ارجوا ان أكون قد وفقت في ايصالها اليكم، وسأبدأها بدون مقدمات.
اولاً، الحقيقة التي يجب ادراكها وبشكل واضح وصريح هي ان الأطراف السياسية الشمالية لن ترضى عن الجنوبيين طالما تمسكوا بأي من حقوقهم السياسية وطالما استمروا في تسجيل أي حضور سياسي أو عسكري فإن عليهم إدراك أنهم سيواجهون كل هذه الأطراف مجتمعةً سياسياً وحتى عسكرياً. وأفضل مثال على ذلك ان الجنوبيون الذين يقفون مع مشروع الدولة الاتحادية – رغم قلتهم – الا انهم محل قبول شمالي واسع لاستخدامهم كممثلين عن الجنوب كلما دعت الحاجة. هذا المثال ينطبق أيضا على الجنوبيون الذين يقفون مع الحوثي – رغم قلتهم أيضا – ومن اجل توضيح ذلك أكثر، جنوبيو الدولة الاتحادية “الوحدة بشكلها الجديد” هم من يمثل الجنوب في نظر الشماليين، وبنفس الوقت نجد الأطراف الشمالية مستعدة ان تتفاوض مع أي جنوبي يقف بصف الحوثي وهذا حدث في جنيف والكويت … ويبقى الاستثناء الوحيد هو ان الشماليين يرفضون أي صوت جنوبي يمثل القضية الجنوبية وأهدافها الحقيقية.
المجلس الانتقالي الجنوبي … من يعاديه؟ لماذا وجد نفسه في مواجهة الحوثي والإصلاح معاً؟ لماذا وجد نفسه في مواجهة أنصار مشروع الدولة الاتحادية؟ لماذا ترحب الأطراف الشمالية بهادي وترفض عبد اللطيف السيد؟ لماذا ترحب هذه الأطراف بياسين مكاوي وترفض صالح السيد؟ لماذا ترى هذه الأطراف ان المجلس الانتقالي الجنوبي خطراً عليها وهي تدعي ان للجنوبين الحق فيما يريدونه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير تبين نوايا الجميع ويجب ان تكون اجابتها وبدون تردد.. هادي ومكاوي يحملان مشروعا سياسيا يتفق مع الأطراف الشمالية ويضمن بقاء الجنوب تحت سيادة الشمال وبصورة قانونية وشرعية، والسيدان يحملان مشروعاً مغايراً يمنح الجنوبين سيادة كاملة على ارضهم واستقلالا واضحا ويمثل مشروعهم خطرا على الأطراف الشمالية وعلى رأسهم جماعة الاخوان “الإصلاح” وجماعة الحوثي والاجنحة المتشرعنة مؤخراً.
اذاً، لا توجد مربعات كثيرة، هناك مربعين فقط: مربع يبقي الجنوب تحت تصرف الشماليين أيا كانوا “حوثيين او اخوان او جن” هم في الأخير يحملون نفس التوجه ونفس النظرة تجاه الجنوب. ومربع اخر يخرج الجنوب من دائرة السيطرة الشمالية الى استقلالية القرار لأهله وضمان مستقبل الجنوبيين جميعاً. ولكل جنوبي او جنوبية حرية الاختيار والوقوف في المربع الأول او المربع الثاني بشرط القدرة على مواجهة الاجماع الجنوبي ورأيه ومحاسبته سياسيا.
من يقول لكم ان الجنوبيون وقضيتهم وذراعهم السياسي المتمثل في المجلس الانتقالي الجنوبي تسبب في عرقلة المعركة ضد الحوثي أخبروه ان الجنوب محرر وأخبروه أيضا ان الحوثي يواجه 10 جبهات عسكرية منها 5 جبهات يقاتل فيها الجنوبيين بالنيابة عن الشمال الذي خذل نفسه وهي صعدة، الحديدة، الساحل الغربي، كرش، البيضاء، وجبهتين تقاتل فيها دول التحالف، و3 جبهات يقاتل فيها الشماليين دون تقدم ودون تسجيل أي انتصارات واضحة لثلاث سنوات متتالية. إذا، الأطراف الشمالية ومن ويواليها يرون ان مران هي بيحان، ويرون ان صنعاء هي عدن. وهذا واقع يجب ادراكه من خلال التصرفات العملية التي تقوم بها هذه الأطراف عبر الشرعية. ويجب التأكيد على ان محاربة الشمال للحوثي مرتبط بضمان إبقاء سيطرتهم على الجنوب ومتى ما سقط ذلك الضمان الذي قدمه لهم هادي فستوجه هذه البنادق الى صدور دول التحالف وهادي وفي التاريخ عبره. وليكن امامكم حقيقة مفادها ان أي طرف شمالي لا يقف ضدنا اليوم فسيقف ضدنا لاحقاً.
في 2011 احتلوا ساحاتنا في كل محافظات الجنوب وتظاهروا في ثورتهم المزعومة ضد نظام غاشم ظلمنا وهم جزء من هذا النظام ودون ان نستطيع عمل شيء (عيدوا قراءة الجملة بدون عواطف وقدروا حجم ضعفنا آنذاك) “انت لم تعد قراءة الجملة، ارجع واقرأ من بداية الفقرة”. في 2012 فصلوا حلولا لقضيتنا وفصلوا لها اشخاص أيضا وجعلوها كأي قضية ودون ان نستطيع عمل شيء. في 2013 قرروا تقسيمنا وإعادة تشكيلنا من جديد ودون ان نستطيع عمل شيء. في 2014 بدأوا يدرسوا كيفية تقليص الفتات الذي منحونا إياه في 2013 ودون ان نستطيع عمل شيء. في 2015 نحن فجأة دواعش وارهابيين، قتلونا وحاصرونا واشتركوا جميعا في ذلك حتى من كان يبيع الآيسكريم اخرج بندقيته ليقدمنا قربانا الى “المجهول” هو لا يعرف لماذا، كل ما يعرفه ان الجنوبيين قرروا الدفاع عن انفسهم، لكننا هنا استطعنا عمل الكثير … في 2015 و 2016 و 2017 و 2018 قاتلناهم وانتصرنا. قاتلناهم نحن، قاتلهم عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك والشهيد علي ناصر هادي وعبد اللطيف السيد والشهيد ناصر الطاهري المصعبي وغيرهم الكثير.. لم يقاتلهم بن دغر ولا ياسين مكاوي ولا هادي. كلهم غادروا من صنعاء الى الرياض، لم يقرروا القتال ولا الموت في عدن. لم يقفوا في مربعنا ولم يكن ذلك يعنيهم. وسيدافع الجنوبيون عن حلمهم وحقهم ولا تنازل في ذلك.
ما اعتقد انه ضرورياً اليوم، هو الوقوف بقوة وبحزم دفاعاً عن مربعنا ودون تهاون. مربعنا هو الجنوب لكل الجنوبيين ومربعنا هو الجنوب الخالي من سيطرة الشمال ونفوذه واستعماره بأي شكل. رحل بن دغر، عاد بن دغر! بن دغر نقطة على السطر وسيرحل، ولو كانت المعركة كلها تسجيل نقاط لصالحنا كجنوبيين فلن يواجهنا أحد “نحن في معركة” يجب ان نتذكر ألف مرة “نحن في معركة”.. انشأوا الوية لحماية الوحدة في عدن فدمرتها المقاومة الجنوبية في غضون 12 ساعة، فما الذي يخيفنا؟ لدينا عدة جبهات مفتوحة ومع عدة أطراف معادية “نحن نتقدم “هذا هو الأهم” ونحن ننتصر.
كونوا أقويا، وكونوا على قدر من المسؤولية، ودافعوا عن “مربعنا” بكل قوة، ولنثق في قيادتنا حتى النصر ان شاء الله. وما يجب معرفته اليوم ان لدينا أوراق كثيره لكنها لا تستخدم الا لهدف يستحقها. وتذكروا انه لا يزال أمامنا الكثير في 2018 ولدينا أعوام مقبلة يستكمل فيها نصرنا ونستعيد فيها عافيتنا وحقوقنا ومؤسساتنا ونقرر فيها مصيرنا “بشكل منطقي وبشكل واقعي”.