التصعيد العسكري في شقرة هو فخ تم نصبه للجميع، انتقالي وشرعية, ليستنزف الطرفان بعضهما ببعض استنزافا بشريا ويبذر مزيدا من بذور الضغائن ليتسنى للاعب الإقليمي السيطرة عليهما وإخضاعهما لتمرير مخططاته وأطماعه بالجنوب…فالوضع المتأزم في أبين يُــراد له أن يظل هكذا من الجنون، على المدى المنظور على الأقل، ومن يعتقد أن التحالف عاجزاً عن وضع حلاً وإنهاء هذه الدوامة فهو إمّا غبيٌ أو يتغابى ،أو مُــتكسبا من هذا الوجع.
فالتحالف الذي يبيع السراب للطرف المسمى بالشرعية لن يسمح لها ببلوغ عدن أبدا، فما هو مطلوب منها ينحصر بجغرافيا محصورة ،ولمهمة محددة. وبالمقابل ليس مسموحا أبدا للانتقالي بالتقدم شبراً ببلوغ شبوة، بل حتى بالوصول الى شقرة حتى إشعارا أخر. فأي تقدم عسكري للشرعية صوب عدن فالطيران كفيلا بتوقيفها كما حدث من قبل، وكذا أي تقدم للانتقالي باتجاه شبوة فأذرع السعودية الاخطبوطية بالمرصاد، وقد شاهدنا بروفة سابقة للموقف السعودية في شبوة وكيف أذاقت القوات الجنوبية المرارة .
متى يفهم هؤلاء المتحاربون في أبين أو قُـــل متى تفهم القوى السياسية التي تقف خلفهم أن اللاعب الكبير يريد منهم أن يظلوا بيادق على رقعة شطرنج مصالحها؟. متى يفهم الجنوبيون المنخرطون في الشرعية -المستحوذ عليها حزب الإصلاح – أن هذا الحزب يعيد الكرّة ثانية معهم ويستخدمهم مجرد جسور مرور للاجتياح عدن وتسليمها له على طبق من دماء، كما فعل في حرب 94م، مثلما استثمر ورقة الصراع الجنوبي الجنوبي لمصلحته وايقظ الخلافات السابقة من مرقدها لذات الغرض منذ بداية حرب 2015م؟.وذلك إظهارهم الجنوبيين كافة بالغوغائيين الفشلة الذين لا يستحقون شبرا واحدا في أرضهم.
ومتى تدرك القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي وسائر القوى الجنوبية الفاعلة أن هذا الثقب البرومودي المسمى بالتحالف يستخفوا بهم الى أبعد الحدود؟، وقد أستثمر القضية الجنوبية وما زال لتحقيق أهدافه فقط ،دون أي تقدم سياسي حقيقي لمسار هذه القضية،مشروع يترجم المكسب العسكري الذي تحقق الى مشروع سياسي .فلا وجود لهذا المشروع ،أو حتى تبدّت لنا ملامحه لدى هذا التحالف، بل على العكس من ذلك، فكل مشاريعه المطروحة فوق الطاولة تتحدث عن مشاريع ومرجعيات قديمة لا تكترث بالقضية الجنوبية بتاتا وقد عفا عليها الزمن، فضلا عن أن معظم التصريحات والبيانيات الرسمية والسلوك على الأرض التي تصدر عن التحالف تؤكد قولاً وفعلاً أن الجنوب خارج اهتماماته بالتماهي مع مبادرات التسوية الصادرة عن الأمم المتحدة التي تغيب القضية الجنوبية إنفاذاً لرغبات يمنية وخليجية واضحة. – إن استثنيا بعض التصريحات المواقف الإماراتية الجيدة، وحتى هذه التصريحات هي لشخصيات وأصوات غير رسمية ، ولا يمكن التعويل عليها ببناء موقف إماراتي صريح. المع استرعاء الانتباه الى حقيقة لا يمكن إغفالها وسط هذا الوجع ووسط هذه الانتقادات، وهي أن القوات الجنوبية في أبين تقف موقف المدافع على عدن بوجه مخططات اقتحماها عسكريا، ولكن هذا لا يعني قطع خيوط التواصل مع اخوانهم بالطرف الآخر لغرض حق الدماء، واستشعار حجم المؤامرة التي يدفع ثمنها هؤلاء الجنود الضحايا من الطرفين/ فمن السذاجة أن يظل هذا الوطن المنكوب وقود حرب على مذبح مصالح الآخرين.