أثار إعلان وزارة الخارجية الإيرانية عن وصول سفير جديد لطهران لدى الحوثيين في صنعاء جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية اليمنية حول دلالات وتوقيت هذا الإعلان الذي جاء بعد ساعات فقط من استكمال عملية تبادل الدفعة الأولى من الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين بموجب اتفاق ستوكهولم.
وجاء الإعلان الإيراني على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الذي كشف عن وصول “السفير” الإيراني الجديد حسن إیرلو إلى صنعاء.
وقال زاده في تصريح لوكالة أنباء فارس الإيرانية، السبت، إن “السفير الجديد سيقدم قريبا نسخة من أوراق اعتماده لوزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني (حكومة موازية تابعة للحوثيين وغير معترف بها دوليا) هشام شرف كما سيقدم أوراق اعتماده لرئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي المشاط”.
وتأتي الخطوة الإيرانية في سياق محاولات حثيثة لكسر العزلة الدبلوماسية والسياسية التي تعاني منها الميليشيات الإيرانية منذ انقلاب سبتمبر 2014 ومغادرة طواقم البعثات الدبلوماسية العربية والدولية العاصمة صنعاء.
واستقبلت طهران في وقت سابق ممثل الحوثيين إبراهيم محمد الديلمي باعتباره سفيرا لليمن في إيران، كما سلّم النظام السوري مقر السفارة اليمنية في دمشق لممثل الحوثيين، في ظل معلومات أوردتها مواقع إعلامية حوثية عن نقل طائرة أممية لسفير حوثي جديد إلى دمشق هو عبدالله صبري خلفا للسفير السابق نايف القانص.
ووجه ناشطون وسياسيون يمنيون اتهامات للأمم المتحدة بنقل ممثل طهران لدى الحوثي حسن إيرلو الضابط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى صنعاء عن طريق الطائرات التابعة للأمم المتحدة، وهو ما نفاه الحساب الخاص لمكتب المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث على تويتر، داعيا الإعلاميين إلى التأكد من المعلومات قبل نشرها.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن وصول إيرلو إلى صنعاء على متن طائرة عُمانية قادمة من مسقط تحمل العشرات من جرحى الحوثيين.
وأشارت المصادر إلى احتمال وصول إيرلو من خلال وثيقة سفر مزيفة صادرة عن الجماعة الحوثية، حيث لم تخضع الطائرة العُمانية للتفتيش من قبل التحالف العربي، كونها وصلت إلى مطار صنعاء في إطار تفاهمات دولية ووساطات أفضت إلى إطلاق رهينتين أميركيتين لدى الحوثي، تم الإفراج عنهما بموجب الصفقة، إلى جانب تسليم جثمان جندي أميركي.
ولم تستبعد المصادر أن يكون وصول الضابط البارز في الحرس الثوري الإيراني والمسؤول عن عمليات فيلق القدس في اليمن حسن إيرلو قد تم في إطار صفقة سرية بين الحوثيين والإدارة الأميركية التي تسعى إلى استثمار عملية تحرير الرهينتين واستعادة جثمان الجندي، في ملف الصراع المحتدم مع الديمقراطيين حول الانتخابات الأميركية.
ولفتت المصادر إلى تعمّد طهران تأخير الإعلان عن وصول إيرلو إلى صنعاء بعد الانتهاء من نقل أكثر من ألف أسير من مطارات صنعاء وعدن وسيئون بواسطة طائرات الصليب الأحمر الدولي، بهدف الإيحاء بأن المندوب الإيراني لدى الجماعة الحوثية قد يكون وصل عبر إحدى تلك الرحلات.
ووفقا لمصادر “العرب” لم يعمل حسن إيرلو في أي منصب دبلوماسي من قبل، فيما تشير مصادر سياسية إلى دور بارز لعبه في إدارة العمليات الخارجية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في العراق ولبنان ومن ثم اليمن.
وحسن هو شقيق القائد البارز في الحرس الثوري حسين إيرلو الذي لقي مصرعه في الحرب العراقية الإيرانية منتصف الثمانينات من القرن الماضي، كما ورد اسمه في تقارير إعلامية في العام 1999 بصفته خبيرا عسكريا وقائدا للتدريبات على الأسلحة المضادة للطائرات ومرشدا دينيا كبيرا في الحرس الثوري.
وأعلنت وزارة الخارجية اليمنية، الأحد، إدانة الحكومة لما وصفته “قيام النظام الإيراني بتهريب أحد عناصره إلى الجمهورية اليمنية وتنصيبه سفيرا لدى ميليشيا الحوثي الانقلابية” معتبرة ذلك “مخالفة صريحة للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 2216”.
ودعت الوزارة المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى إدانة هذه الممارسات والانتهاكات الإيرانية غير القانونية وتدخلها السافر والمستمر في الشؤون الداخلية لليمن.
واعتبر وزير الإعلام في الحكومة معمر الأرياني “أن إرسال طهران أحد ضباط الحرس الثوري كحاكم عسكري إيراني لصنعاء، إضافة إلى تصريحاتها الأخيرة عن نوايا لبيع السلاح للحوثيين، يكشف معالم المرحلة القادمة”.
وفي تصريح خاص لـ”العرب” حول الدلالات السياسية للخطوة الإيرانية، قال وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب إن السلوك الإيراني يدل على مدى استخفافه بالقانون والأعراف الدولية كما أنه تحد سافر للإرادة الدولية وللقرارات الأممية في ما يخص الشأن اليمني.
وأشار غلاب إلى أن إرسال ضابط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري تحت يافطة سفير، مؤشر واضح على رغبة إيران في إشعال الحرب في اليمن بشكل مستدام وتأكيد على رفضها لكل الجهود المبذولة للوصول للحل السياسي والدفع بالحوثية لتنفيذ مخططاتها الإرهابية ضد اليمنيين وضد أمن الجوار ناهيك عن تهديدها للأمن والسلم الدوليين وأمن البحر الأحمر.
وأضاف “إرسال سفير بصلاحيات مطلقة وإن كان اعترافا بالحوثية كدولة خارج سياق الجمهورية اليمنية وتأسيسا لنزعة انفصالية في مناطق سيطرتها، إلا أنه من جهة أخرى يوضح أن الحوثية ليست إلا معسكرا إيرانيا معاديا لليمنيين والعرب وهذا السلوك يدل على مدى إمعان إيران في تصدير الفوضى والإرهاب وزعزعة أمن المنطقة كما يأتي هذا الإعلان متزامنا مع تصريحات روحاني ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني الذي أكد على الحق في مد وتصدير السلاح إلى الحوثية”.