كتب: منصور الذيباني
الضالع وحدها من بين كل مناطق اليمن، هي من استطاعت قهر الامامين الجدد منذ بداية الحرب، ولم تكتفي بالدفاع عن ارضها وكرامتها، بل شاركت بأبنائها بمطاردة وهزيمة الحوثيين وقوى التطرف كالقاعدة وداعش في اكثر من محافظة كعدن وابين وشبوة وحضرموت ولازال رجالها يسطرون البطولات في مواجهة الحوثيين في المناطق الشمالية من المحافظة ويقدم ابناءها التضحيات بالجرحى والشهداء كل يوم.
بوابة الجنوب بمواقفها البطولية المشرفة ، منذ انتصارها في شهر مايو عام 2015 م ، تقابل بالنكران والجحود من قبل الشرعية ، ولم يخفي الكثيرين من القابعين على قمتها والمسيطرين على قراراتها عداءهم للضالع وتعمدهم في كل مناسبة التعامل معها باعتبارها خصما لا شريك ،بل ويشعرون بالحسرة والالم لعدم تمكن الحوثيين من احتلاها، وتتعمد الجماعات المتنفذة مع سبق الإصرار والترصد حرمان الضالع من أي مشاريع او تقديم أي دعم مادي او عسكري ، وتسعى في ذات الوقت عبر بعض رموزها المعروفين الى ضخ الأموال بهدف تفكيك وتخريب وحدة المنطقة وشراء الذمم فيها ، ومحاولة التشهير بأبنائها في حملة إعلامية ممولة ومأجورة ومنظمة . بتصيد الأخطاء الفردية للبعض منهم في عدن، في الوقت الذي يقف ابناءها على خط النار والتضحية والموت لتحقيق امن واستقرار عدن حيث قدموا العشرات من الشهداء ومئات الجرحى لحمايتها من عبث المتطرفين وقوى الإرهاب والتخريب، ومع ذلك فهم لا يشغلون أي مناصب او مواقع أساسية في قطاعات المحافظة اسوة بأخوتهم من أبناء عدن ومناطق جنوبية أخرى.
ان هذا الموقف الحاقد لا يبرره أي عقل ولا يوجد له أي تفسير منطقي وان حاول البعض استجرار الماضي وتغذيته فأن ذلك يتعارض مع مبدأ التصالح والتسامح ومصالح الجنوب ، وربما ان السبب الأساسي لهذه المواقف المريضة يعود الى الشعور بمركب النقص تجاه الضالع وبطولاتها وتميزها في كل المراحل وقدرتها على الصمود والتحدي في مواجهة كل قوى العدوان والتأمر، ودورها المحوري في الدفاع عن قضية الجنوب وشعبه واعتزاز ابناءها بتاريخها النضالي وعدم خضوعهم للتبعية وبعدهم عن مدارس الارتزاق المتأصلة بالوراثة والتتابع في دماء البعض من المتنفذين الذين يتعمدون اذكاء النعرات المناطقية وتوظيفها بشكل دنيء ورخيص لخلق الفرقة بين أبناء الجنوب على حساب المعدمين والمقهورين من أبناء مناطقهم ، وقد اصبح واضحا اليوم ان التأمر على الضالع ومناطق أخرى هو تأمر على كل محافظات الجنوب ومحاولة تفكيك نسيجها الاجتماعي ، و يستهدف قضية الجنوب وشعبه بدرجة أساسية ، وللأسف ان تنفيذ ذلك المخطط يجري بأيدي جنوبية لا تشعر ابدا بالانتماء للجنوب وشعبه وليس لديها أي هوية غير هوية المال والارتزاق والتكسب . وهي لذلك تقف بكل قوة وشراسة تحت رداء الوحدة واليمن الاتحادي امام أي جهود او خطوات تسعى للحوار بين الجنوبيين وتوحيدهم، ومستعدة لفعل أي شيء يهدف الى تدمير الوحدة الوطنية الجنوبية متجاهلة حقيقية تشكل واقع جديد في اليمن بفعل المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، فلم يعد لمعزوفة مخرجات الحوار والمرجعيات اي مكان ولن ترى النور في أي تسوية قادمة.
ومن العجيب ان الجنوبيين في الشرعية، لا يخجلوا من موقفهم وتخاذلهم تجاه الجنوب وعاصمته عدن بالذات، ففي الوقت الذي يجري على مرئ ومسمع منهم وبتمويل أموال الشرعية والتحالف وعائدات النفط والغاز، الحديث عن تنفيذ عشرات المشاريع في محافظة مارب وخلال اقل من عام سيكون هناك 70 مصنعا تقريبا فيها. بينما يعيش السكان في عدن دون كهرباء او خدمات او مرتبات في ظل سباق محموم بين كل الفرقاء على النهب والثراء ،والصراع على السلطة المفقودة والتخريب والتعطيل المتعمد لأجهزة ومؤسسات الدولة ، واستخدام المال والسلاح من اجل المعركة الفاصلة على الحدود بين جمهوريتي شقره وزنجبار ، بينما رؤوس الصراع وقادته متواجدين في الرياض و يقف كل منهم ضد الاخر بانتظار تحقيق النصر المبين لإعادة تموضع وانتشار الوحدات وقياس الانسحابات بالأمتار استعدادا للمواجهات القادمة ، وكذا تمحيص وغربلة قوائم الاتباع من الموالين الخلص القادرين على ممارسة فنون الصراع والمواجهة وخلق المكائد داخل حكومة اللا كفاءات المنتظر الإعلان عنها بعد مخاض عسير، ومن غير المعلوم في ظل هذه الأوضاع ما اذا كانت هذه الحكومة ستتمكن من فك الحصار على الضالع المنسية ، وغيرها من مناطق الجنوب المحرومة بإقامة بعض المشروعات الخدمية والتنموية وتحسين الأوضاع المعيشية .
وفي ظل الظروف التي تعيشها الضالع فأنه من المعيب أيضا على القيادات المتواجدة في المنطقة وخارجها وبعض الافراد العاملين مع الشرعية وتحت لوائها وكذا الثوريين من قيادات الانتقالي ومكونات الحراك المبعثرين والموزعين في كل مكان ان يقفوا عاجزين عن تقديم المساعدة لمنطقتهم وان يقفوا أيضا ضد العصابات المحلية الموجودة في الضالع نفسها التي تتعمد خلق الفوضى فيها وتعطل أي جهود لتحقيق الاستقرار والتنمية والإساءة لتاريخ المنطقة وتضحياتها.