كيف دفعت “قوة الجنوب” الشرعية للبحث عن توافق مع الحوثي؟
حِنكة جنوبية في “ضبط النفس” لمنح بارقة أمل لإنجاح اتفاق الرياض
رغم أن الكلمة العليا في محافظة الضالع تبقى لصالح القوة العسكرية الجنوبية في مواجهة المليشيات الحوثية، غير أن الأوضاع الخدمية والاجتماعية والاقتصادية لا تغيب عن أذهان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحاول تهيئة الأجواء لضمان استمرار النجاحات العسكرية على الجبهات، ولعل ذلك ظهر من خلال توجيهات الانتقالي الأخيرة في مديرية الأزارق بحل مشكلات المواطنين في المديرية.
وتشكل الجهود التنموية للمجلس الانتقالي في محافظات الجنوب سدا حصينا في مواجهة الإرهاب الحوثي وكذا إرهاب مليشيات الشرعية، وهو حالة من التلاحم بين المواطنين وقواتهم الجنوبية، وهو ما يسعى المجلس للحفاظ عليه خلال الفترة المقبلة تحديداً في ظل التحديات الصعبة التي تواجه القضية الجنوبية.
وتشهد محافظة الضالع أكبر ملحمة شعبية بين المواطنين والقوات المسلحة الجنوبية، وتتوالى المساعدات والقوافل التي يقوم بها المواطنون إلى الجبهات وتشكل دعما معنويا ونفسيا مهما للقوات المقاتلة على الجبهات، بل أن تلك القوافل تشكل نقطة قوة تستفيد منها القوات المسلحة الجنوبية في مواجهة مع المليشيات الحوثية التي تفتقد إلى الظهير الشعبي المؤيد لها.
ويرى مراقبون أن المجلس الانتقالي يولي اهتماما متزايدا بالأوضاع الاجتماعية باعتبارها مكملة لأي جهود عسكرية، وأن الخطط العسكرية الحديثة في مواجهة المليشيات المسلحة تقوم بالأساس على تقوية الروابط الداخلية لمجابهة إخطار التنظيمات الإرهابية، وهو ما يفسر اهتمام الانتقالي بالخدمات العامة في محافظة الضالع.
في السياق، بحث العميد عبدالله مهدي سعيد، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة الضالع، وعبدالله حسين رئيس القيادة المحلية للمجلس في مديرية الأزارق، وعلي هادي الحسني ومدير عام المديرية الأوضاع السياسية والعسكرية والخدمية على مستوى المديرية.
ووجه العميد مهدي بمحاربة الظواهر السلبية، ومخططات تفكيك اللحمة الجنوبية، مشيدا بدور المديرية الريادي، مشددا على ضرورة اهتمام أعضاء الهيئة التنفيذية ورؤساء المراكز في عموم المديرية بتقديم الخدمات وحل النزاعات بين المواطنين.
يأتي ذلك في الوقت الذي اندلعت فيه معركة عنيفة في جبهة “الفاخر”، شمال محافظة الضالع، أمس الأول الأحد، بين القوات المسلحة الجنوبية ومليشيا الحوثي الإرهابية، ودوت أصوات المدافع في المناطق المحيطة بالجبهة، وسط رد عنيف من الوحدات الجنوبية تجاه مصادر نيران المليشيا المدعومة من إيران.
وقبل أيام أُصيبت سيدتان برصاص قناصة مليشيا الحوثي الإرهابية، شمالي الضالع، ما تسبب في نقلهما إلى مستشفى الشيخ محمد بن زايد الميداني.
وتعرضت السيدة صمود صالح مقبل (30 عامًا) لإصابة في فخذها الأيسر، جراء رصاصة قناص حوثي بقرية المشاريح، قبل أن يتم نقلها لمستشفى الشيخ محمد بن زايد لتلقي العلاج.
فيما أصيبت في مريس شمالي الضالع، أحلام محمد سيف (30 عامًا) في ذراعها الأيمن، بسبب رصاصة قناص حوثي أيضًا.
وتواصل مليشيا الحوثي، جرائمها المتكررة بحق المدنيين شمالي الضالع، دون مراعاة للقوانين والظروف الإنسانية.
حنكة جنوبية في “ضبط النفس”
“ملتزمون بضبط النفس”.. رسالة واضحة وحازمة وحاسمة تحرص القوات المسلحة الجنوبية على توجيهها في التعاطي الإيجابي مع اتفاق الرياض.
وعبر عن الالتزام الجنوبي رئيس أركان قطاع جبهة الساحل العقيد أمين قاسم الذي أكّد التزام القوات المسلحة الجنوبية بوقف إطلاق النار، رغم عدم التزام مليشيا الإخوان الإرهابية التابعة للشرعية بالأمر.
وشدد العقيد قاسم على أنّ معنويات المقاتلين في القطاع عالية وينتظرون الأوامر، لحسم المعركة مع المليشيات الإخوانية، لافتًا إلى أنّ ما تقوم به تلك المليشيات الإخوانية التابعة للشرعية من خرق واضح لاتفاق الرياض، يتم التعامل معه.
وأشار إلى أنّ معنويات المليشيات الإخوانية تنهار في ظل كسر الهجمات الخاصة بهم، إلى جانب تكبدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وتحمل تصريحات العقيد قاسم الكثير من الوضوح فيما يتعلق بالتعاطي الإيجابي والفعال الذي يمضي به الجنوب في تعامله مع اتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية.
ويهدف الاتفاق، الذي وُقِّع في 5 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، إلى ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما تعرّضت هذه البوصلة لتحريف وتشويه من قِبل “الشرعية” عبر مليشياتها الإخوانية الإرهابية.
ويتعاطى الجنوب بالكثير من الإيجابية مع اتفاق الرياض، وأظهر التزامًا كاملًا ببنوده عملًا على الصعيد السياسي، بالإضافة إلى ضبط كامل للنفس على الجانب العسكري، في مقابل خروقات متواصلة ترتكبها المليشيات الإخوانية الإرهابية.
ونجاح الاتفاق ووضعه على الطريق الصحيح أمرٌ مرتبط في المقام الأول بممارسة الضغوط على حكومة الشرعية من أجل إلزامها باحترام مسار الاتفاق تقديرًا لأهميته السياسية والاستراتيجية.
قوة الجنوب تدفع الشرعية للبحث عن توافق مع الحوثي
بدورها، تبحث الشرعية عن نقاط توافق مع المليشيات الحوثية حتى وإن كان ذلك من خلال احتفال رمزي ليس له أي قيمة أو معنى، لكنها تريد أن توطد علاقاتها الخفية مع العناصر المدعومة من إيران بعد أن أدركت أنها بمفردها لن تستطيع مواجهة القوات المسلحة الجنوبية، في ظل عدم قدرتها على اختراق محافظة أبين والدور القوي لأبناء الجنوب في فضح ممارساتها الإرهابية في محافظة شبوة.
وتسعى الشرعية إلى إعادة الوئام بينها وبين المليشيات الحوثية نكاية في التحالف العربي الذي يبدي إصرارا على تنفيذ اتفاق الرياض، ووجدت القيادات المهيمنة على الشرعية أن نفوذها سيأخذ في التلاشي حال تشكيل حكومة كفاءات بالمناصفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن ثم كان اللجوء إلى اللعب بورقة التقارب مع المليشيات في محاولة لتخفيف الضغوطات التي تمارسها المملكة العربية السعودية عليها.
ويرى مراقبون أن الشرعية فشلت في تحقيق نجاحات سياسية في مواجهة الانتقالي الذي يثبت على موقفه من اتفاق الرياض ولم تهزه مراوغات الشرعية التي حاولت الالتفاف على الاتفاق، وتمسك بالمكاسب التي حققها منذ أن وقع على الاتفاق في شهر نوفمبر من العام الماضي، إي قبل عام تقريبا، وحقق تماسكا في الجبهة الجنوبية دفعت الشرعية للتوقيع مرغمة على آلية السعودية لتسريع تنفيذ الاتفاق.
فيما يذهب البعض للتأكيد على أن الشرعية فشلت أيضا على الناحية الشعبية بعد أن حاولت استمالة أبناء الجنوب عبر الحشد لمظاهرات ممولة لكنها تلقت صفعة قوية بعد أن رفض أبناء المحافظات الجنوبية تحديدا في حضرموت وسقطرى والمهرة، النزول إلى الشارع وأكدوا تمسكهم بالمجلس الانتقالي كممثل متوافق عليه من الجميع لحل القضية الجنوبية.
ولم تجد الشرعية أمامها سوى التقارب مع المليشيات الحوثية في مواجهة التكاتف القوي بين القوات المسلحة الجنوبية والتحالف العربي، لكنها تخنق نفسها بحبال هذا التحالف دون أن تدري لأن المليشيات لم تتنازل بسهولة عن المكاسب التي حققتها في الشمال، فيما سترمي الفتات إلى الشرعية التي أضحت مترهلة وترفض أن تصوب سلاحها.
بدورها، اتهمت صحيفة “الوطن” السعودية، في تقرير لها، بعض قيادات حكومة الشرعية بالتنصل من واجباتهم والانحياز إلى خيانة اليمن، من أجل المال القطري التركي، مؤكدةً أن هؤلاء المسؤولين يطلقون تصريحات ضد وطنهم، بعدما وجدوا في أرض الدوحة إغراءات بالشقق والفيلات والرواتب الشهرية.
ونوهت إلى أنه جرى كشف امتلاك عدد من أولئك الخونة، لعقارات كبيرة موزعة بين الدوحة وتركيا، إلى جانب أموال نهبوها من مواقع كانت تحت مسؤولياتهم، ليشتري بعضهم الفلل والشقق في مواقع أخرى خارج تركيا وقطر.
ورصدت الصحيفة في تقريرها بعض تصريحات هؤلاء المسؤولين وعلى رأسهم المدعو عبدالعزيز الجباري، والمدعو حمود المخلافي، اللذان هاجما أدوار التحالف العربي باليمن لخدمة قطر وتركيا.
من جانبه هاجم المحلل السياسي السعودي فهد ديباجي، جماعة الإخوان باليمن، مؤكدًا أن شغلهم الشاغل أصبح سقطرى والمهرة بينما مدنهم وغرف نومهم تحت سيطرة الحوثي يعمل بها ما يشاء ولم يحركوا ساكن.
فيما سخر الناشط السياسي صالح الدويل من حكومة الشرعية بطريقة لاذعة.
وقال عبر (تويتر): “سلطة الأمر الواقع حكومة الشخونجية ترضخ لشروط الحوثي وتطبع فئة الألف ريال على مقاس ما فرضه الحوثي”.
وأضاف: “ياخيبة احتفالات سبتمبر المثل الشعبي يقول: ما للحب الدبش إلا الكيال الأعور”. | الأمناء نت https://alomanaa.net/news126357.html