– كشفت مصادر سياسية يمنية عن استمرار حالة التوتر في محافظة أبين (شرق عدن) بين قوات الحكومة اليمنية والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، في ظل مؤشرات على انهيار الهدنة المبرمة بموجب اتفاق الرياض وتجدد المواجهات بشكل كامل بين الجانبين في أعقاب تعليق المجلس الانتقالي المشاركة في مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض احتجاجا على ما وصفه بخروقات القوات الحكومية.
وأشارت المصادر، في تصريح لـ”العرب”، إلى استنفار المجلس الانتقالي قواته في محافظة لحج (شمال عدن) بعد رصد تحركات عسكرية مشبوهة تقوم بها قوات اللواء الرابع مشاة جبلي التابع لجماعة الإخوان والذي تؤكد معلومات متواترة مشاركته في مخطط تطويق العاصمة المؤقتة عدن بدعم قطري.
وفي محاولة لتخفيف حالة الاحتقان اعتبر مراقبون أن عودة محافظ عدن المعين أحمد حامد لملس إلى عدن لممارسة عمله رسالة إيجابية من المجلس الانتقالي تشير إلى استعداده للمضي قدما في تنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض بالرغم من إعلانه تعليق مشاركته في المشاورات الجارية في العاصمة السعودية الرياض حول تشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت مصادر مطلعة إن لملس عاد إلى العاصمة المؤقتة عدن، بعد قرابة الشهر تقريبا من أدائه اليمين الدستورية وحصوله على ضمانات من التحالف العربي بدعم جهوده لحل مشاكل الخدمات وتوقف صرف الرواتب المتفاقمة في المدينة التي يصفها مراقبون بأنها أكبر التحديات التي تواجه المجلس الانتقالي والحكومة على حد سواء.
ورجحت مصادر أن تشهد الأيام القليلة القادمة انفراجا في مسار المشاورات السياسية وجهود تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب وفقا لاتفاق الرياض، غير أن المصادر نفسها لم تستبعد أن يترافق استئناف المسار السياسي مع تصعيد عسكري على الأرض من قبل تيار قطر في الحكومة اليمنية وذراعه العسكرية المعروفة باسم الحشد الشعبي الممول من الدوحة في تعز على وجه التحديد، والذي تشير المصادر إلى اعتزامه فتح جبهات جديدة باتجاه مناطق الساحل الغربي، حيث تتمركز قوات المقاومة المشتركة، ومحافظة لحج الجنوبية.
ويسعى التحالف العربي للدفع باتجاه تنفيذ اتفاق الرياض وردم هوة الخلافات بين المكونات المناوئة للانقلاب الحوثي، استباقا لتحركات دولية وأممية حثيثة ترمي إلى فرض صيغة اتفاق شامل للسلام تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ورفضتها الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية في الوقت نفسه.
وتهدف تحركات المبعوث الأممي إلى حشد التأييد لمبادرته من دول الإقليم والدول الفاعلة في الملف اليمني، بما في ذلك الدول الإقليمية التي تؤثر بشكل مباشر على ” أطراف النزاع”. غير أن انفتاح غريفيث على إيران في ما يتعلق بالملف اليمني أثار انزعاج الحكومة اليمنية التي عبرت، على لسان وزير إعلامها معمر الأرياني، عن الاستياء من تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن التي أدلى بها عقب لقاء غير مسبوق جمعه بكبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي، وهو ما اعتبره وزير الإعلام اليمني تجاهلا لدور طهران التخريبي “في زعزعة أمن واستقرار اليمن وتحويله منصة لاستهداف دول الجوار وإقلاق أمن المنطقة وتهديد خطوط الملاحة، وما خلفه من خسائر بشرية ومادية”.
ولوّح رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني في لقاء عبر الإنترنت، السبت، مع المبعوث الأممي بتجميد الحكومة اليمنية اتفاقَ السويد الموقع مع الحوثيين، مشيرا بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الرسمية اليمنية إلى نفاد صبر “الشرعية” الواقعة تحت ضغوط داخلية متزايدة لتجميد العمل باتفاق ستوكهولم أو إلغائه، ردا على الانتهاكات الحوثية للاتفاق في الحديدة وتصعيد هجومها على مأرب ومناطق أخرى محررة.
وجاءت التصريحات الحكومية في أعقاب لقاء ضم المبعوث الأممي، الأربعاء، مع كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، وصفه غريفيث بالبناء مؤكدا أنه تم في اللقاء “تبادل وجهات النظر حول الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار على مستوى اليمن وخلق جو مناسب لاستئناف العملية السياسية”.
وتتزامن الضغوطات الدولية لإقرار خطة المبعوث الأممي للسلام في اليمن مع تفاقم حالة الصراع بين مكونات “الشرعية” ودفع تيار قطر باتجاه نقل الصراع إلى المحافظات الجنوبية المحررة، في الوقت الذي تتعرض فيه مدينة مأرب لهجوم عنيف ومستمر من قبل الميليشيات الحوثية، استخدمت فيه الصواريخ على نطاق واسع، الأمر الذي تسبب في سقوط عشرات المدنيين جراء تعرض الأحياء السكنية والمرافق العامة للهجمات الحوثية، التي أكد مراقبون أنها تهدف إلى إجبار المدنيين على النزوح لتحويل المنطقة إلى ساحة مواجهات عسكرية تعتبرها الميليشيات الحوثية معركة فاصلة في الحرب للسيطرة على مناطق النفط والغاز والدخول في أي مفاوضات قادمة حول الحل النهائي بأوراق قوة لا يمكن المساومة عليها.