حضرموت نت
محمد صالح الاحمدي
مع قيام الانقلابيين الحوثيين بفرض زكاة الخمس على المناطق التي تقع تحت سيطرته، وفي ظل النكسات والهزائم المتتالية التي منيت بها قوات الإخوان وميلشياتها وما يعرف بالجيش الوطني وتسليم نهم والجوف للانقلابيين، تستمر قوى الشر في الشمال وباستغلال الاختلال القائم في بنية السلطة الشرعية وتراخي وتبعية الجنوبيين فيها وبعد نجاحها في نقل المعركة إلى أبين وشبوة بالاستعانة بالقوات الشمالية الإخوانية في مأرب ووادي حضرموت في حربها ضد الجنوب، ها هي اليوم تدشن حربا جديده على الجنوبيين في السلك الدبلوماسي مبتدئة بالقنصلية العامة في جدة، التي تتحمل أكبر عبء في العمل مع المغتربين في الخارج، ويقود هذه الحرب فريق كل أفراده من المناطق الشمالية، يعمل بصورة منظمة وموجهة وموحدة من أمريكا وهولندا والقاهرة وماليزيا والمملكة، باستغلال أوضاع العالقين اليمنيين في محافظة شرورة التي انتهت مشكلتهم عمليا، متجاهلين حقيقة أن العدو الرئيسي هم الحوثيين الذين داسوا ومرغوا كرامة هذه الأبواق وأهاليهم بالتراب، ولم يتمكنوا من الدفاع عن أعراضهم وأرضهم، وكان التهجم والإسفاف والانحطاط الأخلاقي الموجه ضد القنصل العام في جدة ومندوب القنصلية (اليافعي) في المنفذ سيضمن الانتصار للشرعية وإصلاحها.
نشط البرلمان والحكومة والخارجية وشكلت لجان على واقعة لم تثبت صحتها، وتناسوا ضياع عشرات المليارات التي تلتهم تحت مسمى الجيش الوطني والصفقات المشبوهة على كل المستويات، وأخذت الحملة بعدا جهويا ومناطقيا وإسفافا غير معهود لا يعكس اخلاق وقيم اخوتنا في الشمال.
من الخطاء الاعتقاد أن هذه الهجمة الإعلامية تستهدف السفير علي العياشي القنصل العام في جدة والذي يخضع ويتبع قانونا لوزير الخارجية، بل إن هدفها كل الجنوبيين في السلك الدبلوماسي وسوف تتواصل بالتتابع، وكل الذرائع التي تستخدم ضد القنصلية في جدة تتجاهل أن عمل كل السفارات والقنصليات في الخارج يتم وفق أسس موحدة، بما في ذلك تحصيل الإيرادات وبنفس الرسوم وهناك سفارات في الخارج يكون رسوم الدخل الإضافي أعلى بكثير مما يجري تحصيله في المملكة، ومع استمرار الأبواق الرخيصة بحملتها المسيسة والتي تخدم في نهايتها الانقلابيين الحوثيين وإضعاف الشرعية يمكن إيضاح جملة من الحقائق وأهمها:
- الخلفية السياسية والمهنية للعناصر التي تقوم بالحملة، ومصادر تمويلها، ومشروعية قيامها بحملة التشهير والإساءة التي بلغت حد الإسفاف والانحطاط الأخلاقي، ومن منحها الحق في توجيه الاتهامات للأخرين بهذه الطريقة المبتذلة، ومدى ذلك علاقة بحرية التعبير من الناحية القانونية.
- إحدى مخرجات الحوار الوطني نصت على المناصفة بين رؤساء البعثات الدبلوماسية والكوادر الدبلوماسية والإدارية من أبناء الشمال والجنوب، ولكن الوضع القائم ومنذ أكثر من عقدين من الزمن هو أن الكادر الجنوبي ظل يعاني الأمرين، وسلبت حقوقه ولا يمثل إلا نسبة بسيطة جدا من إجمالي أبناء المحافظات الشمالية الذين يمثلون جيشا جرارا داخل الوزارة والبعثات.
- أن فترة التعيين في الخارج في البعثات المحددة بأربع سنوات وفقا للقانون ليست الزامية في كل الحالات، فالقانون الدبلوماسي والقنصلي يمنح رئيس الدولة حق التمديد لأي من الدبلوماسيين، وهناك دول كثيرة لا يطبق فيها مدة التعيين بصورة موحدة.
- السفير العياشي يعتبر من أقدم الكوادر الدبلوماسية في وزارة الخارجية وشغل منصب وكيل وزارة الخارجية لشؤون الدول العربية والأفريقية والأسيوية لعدة سنوات وقام بأدوار وطنية لا يمكن إغفالها أو إنكارها بما في ذلك المساهمة في إدارة دفة الأزمة خلال فترة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، ومنح درجة وزير تقديرا لدوره من قبل القيادة السياسية، وهو مؤهل لتولي منصب وزير الخارجية وليس القنصلية فحسب، كما أن وصوله إلى عمادة للسلك الدبلوماسي والقنصلي في جدة هو مكسب كبير لليمن، واستمراره في موقعه هو في مصلحة اليمن قبل أن يكون في مصلحته نظرا لأهمية ومكانة عميد السلك الدبلوماسي والقنصلي والتي تحرص بعض الدول على بقائه لفترات طويلة.
كان من الأجدر لهذه الابواق الرخيصة والشاذة التي تستهدف السفير العياشي وجميعهم من أصحاب السوابق من أبناء المحافظات الشمالية وبعضهم يتسكع في أزقة الدول الاوربية أن يرتقوا إلى مصاف المسؤولية وأن يلتحقوا مع الشرفاء من أبناء جلدتهم في جبهات القتال وأن يشكلوا خلايا للمقاومة لتحرير أرضهم والدفاع عن كرامتهم من الانتهاكات وصنوف الإذلال الذي يتعرض لها أهاليهم في مناطقهم التي يسيطر الحوثيتين بقوة صغيرة يُخضع فيها ملايين من السكان في محافظاتهم، وأن يستفيدوا ويتعلموا من تجربة النضال الذي سطره أبطال المقاومة الجنوبية وبدعم من التحالف العربي في تحرير عدن ومناطق أخرى في الجنوب.
إن محاولة مهاجمة وإضعاف السلطة الشرعية وتأليب أبناء الجالية اليمنية في المملكة ضد القنصلية والسفارة لن يكتب لها النجاح، فالمملكة العربية السعودية لا مجال فيها لممارسة السياسة على أرضها وبهذه الطريقة المبتذلة والمنفلتة، فالتحريض والتشهير والدعوة لتشكيل التجمعات ومحاولة توجيه الإهانات لأي دولة وممثليتها ستقابل بإجراءات صارمة وحازمة، فاحترام قوانين وأنظمة البلد المضيف لا تهاون فيها، ومن لديه أي مطالب أو شكاوي ضد القنصلية أو أفرادها فهناك قنوات دبلوماسية ونظامية يجب اتباعها بعيدا عن التهريج والتحريض والفوضى والانحطاط القيمي والأخلاقي.